سيرة الدكتور محمد العقلا وتفاصيل وفاته وأبرز محطات حياته
يظل اسم الدكتور محمد بن علي العقلا حاضرًا في الذاكرة الأكاديمية السعودية بوصفه أحد أبرز الأسماء التي شكّلت ملامح التعليم الجامعي والبحث الاقتصادي الإسلامي خلال أكثر من أربعة عقود. فمنذ تخرّجه في مطلع الثمانينيات وحتى رحيله في ديسمبر 2025، ارتبط اسمه بالمؤسسات العلمية الكبرى، وبالمسار الهادئ الذي جمع بين الخبرة الإدارية والرصانة العلمية.
ولم يكن رحيله مجرد خبر عابر، بل لحظة استحضرت فيها الأوساط العلمية أهم أعماله ومؤلفاته ومساهماته، باعتباره نموذجًا للقيادي الأكاديمي الذي استطاع الحفاظ على حضور علمي متماسك في واحدة من أكثر المراحل تطورًا في تاريخ الجامعات السعودية.
سيرة الدكتور محمد العقلا.. ميلاد في مكة وبداية مسار علمي جديد
وُلد الدكتور محمد العقلا عام 1378هـ (1957م) في مدينة مكة المكرمة، وسط بيئة دينية وثقافية جعلت من العلوم الشرعية واللغوية جزءًا أساسيا من حياة الجيل الذي نشأ خلال تلك الفترة.
في شوارع مكة القديمة وحلقات العلم في الحرم، تشكل الوعي المبكر للعقلا، وكان ذلك الوعي هو البذرة التي دفعته لاحقًا إلى اختيار مجال الاقتصاد، ثم التعمّق في الاقتصاد الإسلامي، الذي كان في بداياته العلمية كمجال أكاديمي منظم داخل الجامعات السعودية.
أكمل تعليمه الأولي في مدارس مكة، وتميّز بميوله الواضحة للقراءة، وقدرته على التحليل، واهتمامه المبكر بقضايا المجتمع والاقتصاد. وعندما تقدم للجامعة، اتجه إلى جامعة الملك عبد العزيز التي كانت قد بدأت في بناء مسارات اقتصادية قوية.
التحول إلى الاقتصاد الإسلامي
تخرّج العقلا حاملاً درجة البكالوريوس في الاقتصاد عام 1401هـ. لكنه لم يتوقف عند هذا الحد؛ إذ شعر بأن الاقتصاد الإسلامي هو المسار الذي يمكن من خلاله الجمع بين معرفته الشرعية وثقافته الاقتصادية.
حصل على:
- درجة الماجستير في الاقتصاد الإسلامي – 1406هـ
- درجة الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي – 1409هـ
وكانت رسالته للدكتوراه إحدى الأعمال المهمة في بدايات البحث المؤسسي للاقتصاد الإسلامي في جامعة أم القرى، التي لعبت دورًا مركزيًا في تأسيس هذا التخصص في المملكة.
البداية المهنية: معيد يتحول إلى أحد أعمدة القسم
التحق العقلا كـمعيد في جامعة أم القرى بعد تخرجه مباشرة، ليدخل بذلك في مسار طويل من التدريس والبحث الأكاديمي.
ومع بداية التسعينيات الهجرية، أصبح واحدًا من الأسماء التي يعتمد عليها القسم، نظرًا لقدرته على شرح النظريات الاقتصادية عبر ربطها بالأصول الفقهية. وهي ميزة كانت تمنح محاضراته ثراءً فكريًا قلّما وجد في ذلك الوقت.
تدرج سريعًا في الرتب العلمية:
- أستاذ مساعد – 1410هـ
- أستاذ مشارك – 1417هـ
- أستاذ – 1421هـ
وبفضل حضوره العلمي وإنتاجه البحثي، تم تكليفه بإدارة قسم الاقتصاد الإسلامي خلال الفترة (1411–1415هـ)، ليبدأ أول تجربة فعلية له في الإدارة الأكاديمية.
محطات إدارية بارزة.. من الأقسام إلى العمادات
شهدت مسيرة العقلا الإدارية العديد من المحطات التي عكست ثقة القيادات التعليمية في قدراته.
فقد تولى خلال مسيرته مناصب متعددة، أبرزها:
- وكيل كلية الشريعة – 1417هـ
- عميد عمادة خدمة المجتمع – 1418هـ
- عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – 1419هـ (لفترتين)
- وكيل جامعة أم القرى للدراسات العليا والبحث العلمي – 1423هـ وتم تجديد تكليفه 1426هـ
وفي كل منصب، ترك بصمة واضحة، سواء بتطوير البرامج الدراسية، أو إنشاء مبادرات جديدة، أو إشرافه على رفع مستوى البحوث العلمية.
المنصب الأبرز: رئاسة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
في عام 1428هـ، صدر الأمر السامي بتعيين الدكتور محمد العقلا رئيسًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وهي واحدة من أعرق المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي.
كانت تلك المرحلة بمثابة نقطة تحول كبرى في مسيرته، حيث انتقل من إدارة الكليات والأقسام إلى إدارة مؤسسة ضخمة تضم آلاف الطلاب من أكثر من 150 دولة.
إنجازات رئاسته للجامعة الإسلامية
-
- تطوير البنية التحتية وتنفيذ مشاريع عمرانية جديدة.
- توسيع برامج الدراسات العليا وإدخال مسارات بحثية حديثة.
- تعزيز حضور الجامعة في المؤتمرات والمحافل الدولية.




