أخبار عالمية

في اليوم العالمي لمذبحة سربرنيتسا.. هل نُدرك حقًا حجم المسؤولية؟

ما هي مذبحة سربرنيتسا؟

في كل عام، وتحديدًا في 11 يوليو، يحيي العالم ذكرى واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها في العصر الحديث: مذبحة سربرنيتسا. ففي عام 1995، قُتل أكثر من 8,000 رجل وطفل مسلم في جريمة صادمة تُصنَّف اليوم كإبادة جماعية. لكن السؤال الأهم الذي لا بد من طرحه: هل نُدرك اليوم حقًا حجم المسؤولية الأخلاقية والسياسية والإنسانية تجاه هذه الجريمة؟ في هذا المقال، نعيد فتح هذا الملف المؤلم من خلال أسئلة جوهرية تضيء على تفاصيل المجزرة، وتدعونا للتأمل في مسؤوليتنا كمجتمع عالمي.

ما هي مذبحة سربرنيتسا؟

مذبحة سربرنيتسا هي جريمة إبادة جماعية ارتكبتها قوات جيش جمهورية صرب البوسنة بقيادة الجنرال راتكو ملاديتش ضد المدنيين المسلمين من الذكور في مدينة سربرنيتسا الواقعة شرق البوسنة والهرسك. وقعت المجزرة في الفترة من 11 إلى 22 يوليو 1995، خلال الأيام الأخيرة من الحرب البوسنية.

كم عدد الضحايا؟

قُتل ما لا يقل عن 8,372 مسلمًا من الذكور، من ضمنهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة، إضافة إلى رجال تجاوزت أعمارهم الـ 70. وتم دفن الضحايا في مقابر جماعية سرية، كثير منها لم يُكتشف إلا بعد سنوات.

لماذا سميت إبادة جماعية؟

صنّفت محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة المجزرة كـ”إبادة جماعية” لأن القوات الصربية نفذت عمليات قتل ممنهجة بهدف القضاء على مجموعة دينية وعرقية بعينها، وهي المسلمون البوشناق. وهو ما يندرج تحت تعريف الإبادة الجماعية وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948.

ما دور الأمم المتحدة في المجزرة؟

كانت سربرنيتسا حينها مصنفة كـ”منطقة آمنة” تحت حماية الأمم المتحدة، حيث تمركزت قوات حفظ السلام الهولندية (Dutchbat). ولكن عند اجتياح القوات الصربية للمدينة، لم تتدخل تلك القوات لمنع المجزرة، بسبب محدودية تفويضها، وقلة العتاد، وانعدام الدعم الجوي، ما جعل كثيرين يعتبرون أن تقاعس الأمم المتحدة ساهم في وقوع المجزرة.

من هو المسؤول عن مذبحة سربرنيتسا؟

المسؤول الرئيسي عن المجزرة هو الجنرال الصربي راتكو ملاديتش، الذي أُدين لاحقًا بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما تم اتهام الرئيس الصربي آنذاك رادوفان كاراديتش ومسؤولين آخرين في قيادة صرب البوسنة.

هل تم محاكمة المجرمين؟

نعم، بعد سنوات من الفرار، تم القبض على ملاديتش في 2011، وحُكم عليه بالسجن المؤبد عام 2017 من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. كما حُكم على كاراديتش بالسجن المؤبد كذلك. تمت محاكمة العشرات من المسؤولين العسكريين والسياسيين المتورطين في المجزرة.

كيف أثّرت المذبحة على العالم؟

شكّلت المذبحة نقطة تحول في الصراع البوسني، وسرّعت من التدخل الدولي بقيادة حلف الناتو ضد صرب البوسنة. كما أثارت المذبحة موجة من الإدانات العالمية، وأدت إلى إعادة النظر في دور الأمم المتحدة في النزاعات، ما دفع لإصلاحات في مهام قوات حفظ السلام لاحقًا.

هل ما زال العالم يحيي ذكرى المجزرة؟

نعم، يتم إحياء ذكرى مذبحة سربرنيتسا كل عام في 11 يوليو. ويُقام حفل تأبيني رسمي في مركز بوتوكاري التذكاري، حيث يُعاد دفن رفات الضحايا التي تُكتشف حديثًا. كما تُنظّم فعاليات دولية للتوعية بالمجزرة، والحث على عدم تكرارها.

ما هي الدروس المستفادة من المجزرة؟

أبرز ما يمكن استخلاصه من مجزرة سربرنيتسا هو أن الصمت الدولي والتخاذل أمام جرائم الإبادة يمكن أن يؤدي إلى كوارث إنسانية. كما أظهرت المجزرة الحاجة إلى العدالة الدولية، ودور التوثيق والذاكرة في منع تكرار مثل هذه الجرائم. علاوة على ذلك، فهي تذكير دائم بأن الكراهية العرقية والدينية، إذا تُركت دون رادع، قد تقود إلى إبادة شعوب بأكملها.

ما هو موقف صربيا اليوم من المجزرة؟

رغم مرور أكثر من عقدين، لا تزال صربيا منقسمة داخليًا حول الاعتراف بالمجزرة كـ”إبادة جماعية”. بينما اعترف بعض السياسيين بها، يرفض آخرون استخدام هذا المصطلح. وقد أثار هذا الانقسام انتقادات دولية، خاصة مع اقتراب صربيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

هل نتحمّل مسؤوليتنا أمام التاريخ؟

إن مذبحة سربرنيتسا لم تكن مجرد مأساة محلية، بل فشلًا عالميًا في حماية الأبرياء. وفي اليوم العالمي لإحياء ذكراها، لا يكفي مجرد التذكّر؛ بل يجب أن نسأل أنفسنا: ما الذي تغيّر؟، وهل أصبح العالم اليوم أكثر وعيًا وقدرة على منع مثل هذه الجرائم؟ إن إدراك حجم المسؤولية هو الخطوة الأولى نحو عدالة مستحقة وذاكرة جماعية حية تضمن عدم التكرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى